نَشَأَت الصَّحافة الالكترونية في منتصف التسعينيَّات من القرن الماضي، وشكَّلَت ظاهرة إعلاميَّة جديدة مرتبطة بثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فأصبح المشهد الإعلامي أقرب لأنْ يكون ملكًا للجميع وفي متناول الجميع، وأكثر انتشارًا وسرعة في الوصول إلى أكبر عدد من القرَّاء، وبأقل تكاليف، بذلك تكون الصحافة الالكترونية قد فتحت آفاقًا عديدة, وأصبحت أسهل وأقرب لمتناول المواطن.
وقد صدر مؤخَّرًا للزميل الكاتب السيد أبو داود كتاب تحت عنوان "الصحافة الالكترونية.. دراسة في المهارات والأسس الفنية" يحاول فيه الكاتب وضع الأسس والمعايير اللازمة لنجاح الصحيفة الالكترونية.
جاءَ الكتاب في خمسة أبواب تناول الأول منها الإدارة, وأكَّد الكاتب أن الإدارة سر النجاح وبيَّن أن المؤسسة الصحفية تختلف عن غيرها من المؤسسات الأخرى في عدة جوانب؛ منها أنَّ المؤسسة الصحفية تقدم منتجًا مختلفًا هو المواد الصحفيَّة المطبوعة يوميًّا أو أسبوعيًّا بشكلٍ مختلف, وهذا المنتج يفقد قيمته ويستهلك بمجرد وصوله إلى يد القارئ, ويلعب عنصر الوقت دورًا مهمًا في العملية الصحفيَّة.
كما ينبغي أن يكون للعاملين في المؤسسات الصحفية سمات معينة من حيث الثقافة والقدرات المهنية، كما تكلم الكاتب عن إدارة المؤسسات الصحفية, وبيَّن أنها غالبًا ما تشمل إدارة التحرير وإدارة الإعلانات وإدارة المطابع وإدارة التوزيع, وأنَّ هناك إدارات مساعدة أخرى مثل إدارة الشؤون الإدارية والإدارة المالية والمخازن والمشتريات والإحصاء والمتابعة وشؤون العاملين.
ثم تحدث عن إدارة الموقع الالكتروني ووضع العديد من النقاط التي تبين كيفية الوصول بالموقع الالكتروني إلى التميز والنجاح..
أشكال الكتابة الصحفية
في الباب الثاني وتحت عنوان "أشكال الكتابة الصحفية", تناول الكاتب أشكال كتابة الخبر, فأسهب في تعريف الخبر الصحفي وأجزاء الخبر من "عنوان" و"مقدمة", ومقدمة أيّ خبر عبارة عن بضع جمل قصيرة وسريعة، ويتم تحريرها باختيار أهم جزء من تفاصيل الخبر الذي يمثل مركز الخبر، ويُنصح بأن لا تزيد المقدمة في الخبر عن 20-30 كلمة والبعض قال من 25-30 كلمة, وتسمى بالمقدمات الذهبية, و"متن" ويهدف إلى الإجابة عن الأسئلة الستة "من، متى، أين، ماذا، لماذا، كيف".
ثم تحدث عن عناصر الخبر, وبيَّن أن الخبر يتكون من العديد من العناصر الهامة التي يقوم عليها سياق الخبر بشكل عام، وهذه العناصر هي: الجديَّة والحديث وأن يكون جديدًا والغرابة بمعنى أن يكون غريبًا ومشوقًا وغير مكرر, والأهمية بمعنى أن يكون مهمًا وهامًا للجمهور المتابع, والشهرة بمعنى شهرة المكان والزمان والأشخاص..
تعددت أنواع الخبر الصحفي وأصبح كل نوع له منهجه وتعريفه الخاص؛ ومن أنواع الخبر الصحفي.. أخبار داخلية، أخبار خارجية، أخبار سياسية، أخبار اقتصادية، أخبار اجتماعية، أخبار ثقافية وفنية، أخبار رياضية، أخبار الحوادث، أخبار دينية, ويختلف كل خبر عن الآخر في صياغته وعرضه وتحليله.. وأيّ خبر يتكون من عدة نقاط أو أقسام, وكلما تم الالتزام بها كلما اكتسب الخبر صدى ومصداقية لدى القارئ.
ومن صفات الخبر الصحفي، الصحة، فالخبر لا يتم نشره حتى يتم التأكد من صحته، والتضحية بخبر مهم غير مؤكد، وعدم نشره أفضل كثيرًا من نشره ثم اتضاح عدم صحته بعد ذلك.
والدقة، وذلك يعني ضرورة ذكر الحقيقة الكاملة للحدث أو الواقعة دون حذف يخل بسياقها ويعطيها معنى أو تأثيرًا مخالفًا للحقيقة، أو عكس ما كان يعطيه لو كان قد نشر كاملاً أي دقيق. وعدم الدقة في الأخبار قد تأتي نتيجة السرعة أو الإهمال في الحصول على الخبر وكتابته والتعجيل بنشره دون تحرّي الدقة الواجبة، فالخبر غير الدقيق هو الخبر الناقص سواء جاء بعمد أو نتيجة الإهمال أو السرعة.
ثم الموضوعية، ويقصد بها عدم تحريف الخبر بالحذف أو الإضافة، فالخبر الصحفي لا يجب أن يتلون أو يتغير حسب أهواء الصحيفة أو أهواء المحرر الذي يحصل على الخبر.
ثم تناول التقرير الصحفي وبين أنَّه الذي يهتم في المقام الأول بعرض وشرح وتفسير زوايا أو جوانب من الأخبار أو الأحداث أو الوقائع اليومية الجارية, وهو يعنى بتقديم معلومات وبيانات عن خبر أو حدث لم يستطع الخبر الصحفي تناولها، وإبراز جوانب جديدة عن حدث معروف, وتقديم الخلفيات التاريخية والوثائقية للخبر أو الحدث الذي يتناوله التقرير لتوضيح الجوانب الغامضة أو غير المفهومة في الحدث.
والتقرير الإخباري يجب أن يلتزم بالأسلوب الموضوعي في عرض المعلومات والبيانات والآراء بمعنى عدم تحيز الكاتب أثناء سرده للمعلومات أو تعميمه لنتائجها وكذلك أن يهتم كاتب التقرير بتقديم المعلومات والبيانات الجديدة وتقديم الخلفية التاريخية لموضوع التقرير.
وعلى لتقرير الإخباري أن يلبّي الاحتياجات الإعلامية للقارئ المعاصر وخاصة فيما يتعلق بالقضايا الحيوية في المجتمع الحديث, ويرى الخبراء أنَّ مجالات التقرير الإخباري تنصرف إلى تغطية الأخبار الجادة والقليل من التقارير الإخبارية تنصرف إلى تغطية الأخبار الخفيفة. ثم تكلم عن التحقيق الصحفي والحوار والحملة الصحفية.
محددات وضوابط مهنية
تحدث الكاتب في هذا الباب عن محددات وضوابط مهنية أساسية, فتكلم عن سياسة التحرير ويقصد بها الهوية والطبيعة السياسية للصحيفة أو الموقع والتي على أساسها يحدد العلاقة بالأحداث كما وضع ضوابط تحريرية منها التركيز على الكيف لا الكم ونسب الخبر إلى مصدره..
وتحت عنوان لغة الإعلام وحرب المصطلحات أولى الكاتب ذلك الموضوع أهمية بالغة حيث أنَّ قضية المصطلحات تبرز في كل صراع وتحتل أهمية خاصة في الإعلام, وأورد الكاتب العديد من المصطلحات المستخدمة في الإعلام ووضّح أنها مصطلحات مشبوهة ويجب على الإعلامي العربي والمسلم أن يعيد صياغتها حسب الرؤية العربية الإسلامية, حيث تلعب المصطلحات دورًا مهمًا في الحرب الإعلامية, ولأن الاحتلال هو الذي يملك عادة أدوات التفوق الإعلامي فإنَّه يعتمد سياسة التلاعب الاصطلاحي الذي يساهم في تغييب الحقيقة, وخلق مساحة من الغموض تمكّنه من تمرير ما يهدف إليه في النهاية.
ولقد حذرنا القرآن الكريم مبكرًا من أن نستغفل من هذه
الناحية, فقال لنا: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ" (البقرة: 104) وكلمة (راعنا) ليس فيها شيء من حيث الأصل ولكن اليهود استخدموها تورية لما فيها من دلالة محتملة, فنهى القرآن المسلمين من استخدامها لكي يقطعوا على اليهود ما يرمون له. إنَّ دراسة موجزة لا يمكن أن تلم بجميع الاصطلاحات التي تعتمدها أبواق الدعاية والتضليل الاستعمارية وقد قدم الكاتب العديد من تلك المصطلحات التي قد تساهم في تشكيل ثقافة عامة كافية لتحصين الذات وتمييز المواقع والمواقف, ومن هذه النماذج: الإرهاب: هذا المصطلح الذي لا تمل وسائل الإعلام من بثه على مسامعنا صباح مساء, ولكن لو سألت ما معنى هذه الكلمة؟ فإنك لن تجد جوابا! ليس بسبب العجز اللغوي عن التوصل لتعريف واضح (جامع مانع) ولكن هنالك قصد في إبقاء هذه الكلمة بلا معنى محدد ليبقى كيسًا مطاطًا يمكن استخدامه حسب الحاجة! ولذا تجد أنَّ الإبادة الجماعيَّة التي ارتكبها الأمريكان في (هيروشيما) قديمًا وفي (الفلوجة) حديثا لا تسمى إرهابًا! ومقــتل الشيخ أحمد ياسين وهو الرجل القعيد, ومن قبله محمد الدرة الطفل البريء لا يسمى إرهابًا بينما قتل الجندي الأمريكي المعتدي على الأرض والعرض يسمى إرهابًا!! إنَّ من واجب رجال القانون أيًّا كانوا أنْ يقولوا كلمتهم وعلى الأقل أن يعلنوا أن كلمة (الإرهاب) كلمة غير قانونية ما لم يحدد معناها بدقة قابلة للقياس والتطبيق, لا سيما أنها من حيث اللغة تحتمل الحق والباطل إذ معناها لغة: التخويف, والتخويف قد يكون مشروعًا كما في قوله تعالى: "تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ" (الأنفال: 60) وقد يكون محرمًا كما في تخويف الأبرياء الآمنين, وقد رتب الإسلام عقوبة شديدة على من يشيع الخوف بين الناس حتى لو لم يقتل ولم يسرق, جاء في دقائق التفسير 2/24 (إذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا مالاً, نفوا من الأرض, وهذا قول كثير من أهل العلم) . والتطرف: وهو مصطلح أصبح مرادفًا تقريبًا لمصطلح (الإرهاب) ولكنه في اللغة الوقوف على الطرف أي بعيدًا عن الوسط, ووصف المقاومين بالتطرف معناه أنهم بعيدون عن الوسطية والاعتدال, وهذا المعنى يبقى غامضًا ما لم نتفق على تحديد نقطة (الوسط) لكي نقيس مقدار التطرف, فهل الاحتلال هو الذي يمثل تلك النقطة؟! وبالتالي فكل من يرفض الاحتلال هو متطرف؟!! إنَّه ليس غريبًا أن يلجأ المحتل لهذه الأساليب الملتوية, لكن الذي يؤسف له حقيقة انتشار هذه الكلمات في وسائل الإعلام العربي بل وحتى عند بعض الإسلاميين (المتنورين) من دون أي تمييز عن استخدامات المحتل وإطلاقاته مما يجعل هؤلاء في نظر المقاومة محل الريبة والشبهة. ثم تحدث عن الإطار القانوني والأخلاقي للعمل الصحفي وجاءت خاتمة الكتاب بباب عن قواعد النحو الشائعة الاستعمال في العمل الإعلامي والتي يقع معظم الإعلاميين في أخطائها.. والكتاب في حقيقته يعد مقدمة لكل راغب في العمل الإعلامي سواء في صحيفة أو موقع الكتروني فهو بمثابة النبراس الذي ينير الطريق ويأخذ بيد الصحفي محاولا تجنيبه الوقوع في الأخطاء..
الناحية, فقال لنا: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ" (البقرة: 104) وكلمة (راعنا) ليس فيها شيء من حيث الأصل ولكن اليهود استخدموها تورية لما فيها من دلالة محتملة, فنهى القرآن المسلمين من استخدامها لكي يقطعوا على اليهود ما يرمون له. إنَّ دراسة موجزة لا يمكن أن تلم بجميع الاصطلاحات التي تعتمدها أبواق الدعاية والتضليل الاستعمارية وقد قدم الكاتب العديد من تلك المصطلحات التي قد تساهم في تشكيل ثقافة عامة كافية لتحصين الذات وتمييز المواقع والمواقف, ومن هذه النماذج: الإرهاب: هذا المصطلح الذي لا تمل وسائل الإعلام من بثه على مسامعنا صباح مساء, ولكن لو سألت ما معنى هذه الكلمة؟ فإنك لن تجد جوابا! ليس بسبب العجز اللغوي عن التوصل لتعريف واضح (جامع مانع) ولكن هنالك قصد في إبقاء هذه الكلمة بلا معنى محدد ليبقى كيسًا مطاطًا يمكن استخدامه حسب الحاجة! ولذا تجد أنَّ الإبادة الجماعيَّة التي ارتكبها الأمريكان في (هيروشيما) قديمًا وفي (الفلوجة) حديثا لا تسمى إرهابًا! ومقــتل الشيخ أحمد ياسين وهو الرجل القعيد, ومن قبله محمد الدرة الطفل البريء لا يسمى إرهابًا بينما قتل الجندي الأمريكي المعتدي على الأرض والعرض يسمى إرهابًا!! إنَّ من واجب رجال القانون أيًّا كانوا أنْ يقولوا كلمتهم وعلى الأقل أن يعلنوا أن كلمة (الإرهاب) كلمة غير قانونية ما لم يحدد معناها بدقة قابلة للقياس والتطبيق, لا سيما أنها من حيث اللغة تحتمل الحق والباطل إذ معناها لغة: التخويف, والتخويف قد يكون مشروعًا كما في قوله تعالى: "تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ" (الأنفال: 60) وقد يكون محرمًا كما في تخويف الأبرياء الآمنين, وقد رتب الإسلام عقوبة شديدة على من يشيع الخوف بين الناس حتى لو لم يقتل ولم يسرق, جاء في دقائق التفسير 2/24 (إذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا مالاً, نفوا من الأرض, وهذا قول كثير من أهل العلم) . والتطرف: وهو مصطلح أصبح مرادفًا تقريبًا لمصطلح (الإرهاب) ولكنه في اللغة الوقوف على الطرف أي بعيدًا عن الوسط, ووصف المقاومين بالتطرف معناه أنهم بعيدون عن الوسطية والاعتدال, وهذا المعنى يبقى غامضًا ما لم نتفق على تحديد نقطة (الوسط) لكي نقيس مقدار التطرف, فهل الاحتلال هو الذي يمثل تلك النقطة؟! وبالتالي فكل من يرفض الاحتلال هو متطرف؟!! إنَّه ليس غريبًا أن يلجأ المحتل لهذه الأساليب الملتوية, لكن الذي يؤسف له حقيقة انتشار هذه الكلمات في وسائل الإعلام العربي بل وحتى عند بعض الإسلاميين (المتنورين) من دون أي تمييز عن استخدامات المحتل وإطلاقاته مما يجعل هؤلاء في نظر المقاومة محل الريبة والشبهة. ثم تحدث عن الإطار القانوني والأخلاقي للعمل الصحفي وجاءت خاتمة الكتاب بباب عن قواعد النحو الشائعة الاستعمال في العمل الإعلامي والتي يقع معظم الإعلاميين في أخطائها.. والكتاب في حقيقته يعد مقدمة لكل راغب في العمل الإعلامي سواء في صحيفة أو موقع الكتروني فهو بمثابة النبراس الذي ينير الطريق ويأخذ بيد الصحفي محاولا تجنيبه الوقوع في الأخطاء..
0 التعليقات:
إرسال تعليق